يقول الشيخ رحمه الله: (ويأكل آذان الكلاب -لعلها هكذا- التي هي خبائث وفواسق، أو يشرب البول ونحوه من النجاسات التي يحبها الشيطان، أو يدعو غير الله فيستغيث بالمخلوقات ويتوجه إليها، أو يسجد إلى ناحية شيخه) وهذا معروف عند الصوفية ، فمنهم من يسجد إلى ناحية الشيخ، فإذا كان الشيخ المعبود هو ابن عربي وقبره في دمشق ، وكان الطالب في المدينة فإنه يسجد جهة دمشق ، وإذا كان في بغداد فيسجد غرباً، وإذا كان في قرطبة سجد شرقاً، ناحية الشيخ -نعوذ بالله- ولا يخلص الدين لرب العالمين تبارك وتعالى.
ثم واصل المؤلف في أوصاف هؤلاء قائلاً: (أو يلابس الكلاب أو النيران أو يأوي إلى المزابل والمواضع النجسة، أو يأوي إلى المقابر، ولا سيما إلى مقابر الكفار واليهود والنصارى أو المشركين، أو يكره سماع القرآن، وينفر عنه ويقدم عليه سماع الأغاني والأشعار، ويؤثر سماع مزامير الشيطان على سماع كلام الرحمن، فهذه علامات أولياء الشيطان لا علامات أولياء الرحمن)، وهذه هي القاعدة.
قال الشيخ رحمه الله: (وهؤلاء الملاحدة يدعون أن الولاية أفضل من النبوة، ويلبسون على الناس، فيقولون: ولايته أفضل من نبوته..) فمن تلبيسهم على الناس أنهم يقولون: حتى النبي صلى الله عليه وسلم ولايته أفضل من نبوته، (ويقولون:
مقام النبوة في برزخ             فويق الرسول ودون الولي)
قال رحمه الله: (ويقولون: نحن شاركناه في ولايته التي هي أعظم من رسالته، وهذا من أعظم ضلالهم؛ فإن ولاية محمد صلى الله عليه وسلم لم يماثله فيها أحد، لا إبراهيم ولا موسى، فضلاً عن أن يماثله هؤلاء الملحدون، فكل رسول نبي ولي، فالرسول نبي وولي، ورسالته متضمنة لنبوته، ونبوته متضمنة لولايته).
إذاً: يكون الترتيب عند الصوفية كما يلي:
أعلى شيء الولاية، ثم النبوة، ثم الرسالة وهي أدنى شيء.
وأما الترتيب الصحيح عند أهل السنة فهو أن أعلى شيء هو الرسالة، والنبوة في الوسط، وأدنى شيء الولاية؛ لأن الأولياء أتباع للأنبياء.
إذاً: إذا ثبت أنه رسول فهو نبي وهو ولي، فالأصل أنه ولي لله، فضله الله وأوحى إليه فصار نبياً، ثم بلغه أو أمره بالإبلاغ فصار رسولاً على الاختلاف كما في معنى الرسول والنبي.
يقول الشيخ رحمه الله: (فإذا قدروا مجرد إنباء الله إياه بدون ولايته لله، فهذا تقدير ممتنع) أي: لأنه لا يمكن أن يكون نبياً وهو ليس بولي؛ لأن الولاية أدنى من النبوة بخلاف قول هؤلاء، فالولاية عندهم أعلى، وعليه فيمتنع هذا، ولكن ظاهر كلامهم أنه يمكن أن يكون ذلك، أما عند أهل السنة فلا تناقض فيمكن أن يكون ولياً ولا يكون نبياً؛ ولهذا فأكثر الناس على أن الأنبياء معدودون، أما الأولياء فهم كثير، فكل المؤمنين يمكن أن يكونوا أولياء لله، ولكن على كلام هؤلاء المخالفين فلا يستقيم الأمر، وهذا دليل على كفرهم وضلالهم.
ثم يأتي الشيخ بكلام لـابن عربي وفيه إشارة إليه، وهذا يبين أن الكلام على هؤلاء مضبوط في موضع آخر في كتابه درء تعارض العقل والنقل ، ويبين فيه أن هؤلاء أكفر من اليهود و النصارى والعياذ بالله، فمن يقول هذا القول من الصوفية وأهل البدع، ومن يدعيه أيضاً كـالباطنية و الرافضة الذين يدعونه لأئمتهم فهو أكفر من اليهود و النصارى الذين كفرهم الله تبارك وتعالى تكفيراً صريحاً في القرآن.